فصل: خبر اليشار واستيلاء السلطان على غرشتان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خبر الفريغون واستيلاء السلطان على الجوزجان.

وكان بنو فريغون هؤلاء ولاة على الجوزجان أيام بني سامان يتوارثونها وكان لهم شهرة مكارم وكان أبو الحرث أحمد بن محمد غرتهم وكان سبكتكين خطب كريمته لابنه محمود وأنكح كريمته أخت محمود لابنه أبي نصر فالتحم بينهما وهلك أبو الحرث فأقر السلطان محمود ابنه أبا نصر على ولايته إلى أن مات سنة إحدى وأربعمائة وكان أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني المعروف بالبديع يؤلف له التآليف ويجعلها باسمه ونال عنده بذلك فوق ما أمل.

.غزوة بارين.

ثم سار السلطان محمود على رأس المائة الرابعة لغزو بلاد الهند فدوخها واستباحها وأوقع بملكها ورجع إلى غزنة فبعث إليه ملك الهند في الصلح على جزية مفروضة وعسكر مقرر عليه وعلى تعجيل مال عظيم وهدية فيها خمسون فيلا وتقرر الصلح بينهما على ذلك.

.غزوة الغور وقصران.

بلاد الغور هذه تجاور بلاد غزنة وكانوا يفسدون السابلة ويمتنعون بجبالهم وهي وعرة وضيقة وأقاموا على ذلك متمردين على كفرهم وفسادهم فامتعض السلطان محمود وسار لحسم عللهم سنة إحدى وأربعمائة وفي مقدمته التمرتاش الحاجب والي هراة وأرسلان الحاجب والي طوس وانتهوا إلى مضيق الجبل وقد شحنوه بالمقاتلة فنازلتهم الحرب ودهمهم السلطان فارتدوا على أعقابهم ودخل عليهم لبلادهم ولملكها ودخل حصنا في عشرة آلاف واستطرد لهم السلطان إلى فسيح من الأرض ثم كر عليهم فهزمهم وأثخن فيهم وأسر ابن سوري وقرابته وخواصه وملك قلعتهم وغنم جميع أموالهم وكانت لا يعبر عنها وأسف ابن سوري على نفسه فتناول سما كان معه ومات ثم سار السلطان سنة اثنتين وأربعمائة لغزو قصران وكان صاحبها يحمل ضمانه كل سنة فقطع الحمل وامتنع بموالاة ايلك خان وسار إليه فبادر باللقاء وتنصل واعتذر وأهدى عشرين فيلا وألزمه السلطان خمسة عشر ألف درهم ووكل بقبضها ورجع إلى غزنة.

.خبر اليشار واستيلاء السلطان على غرشتان.

كان اسم أليشار عند الأعاجم لقبا على ملك غرشتان كما أن كسرى على ملك الفزس وقيصر على ملك الروم ومعناه الملك الجليل وكان أليشار أبو نصر محمد بن إسماعيل بن أسد ملكها إلى أن بلغ ولده محمد سن النجابة فغلب على أبيه وانقطع أبو نصر للنظر في العلوم لشغفه بها وصاحب خراسان يومئذ أبوعلي بن سيجور ولما انتقض على الرضى نوح خطبهم لطاعته وولايته فأبوا من ذلك لانتقاضه على سلطانه فبعث العساكر إليهم وحاصرهم زمانا ثم نهض سبكتكين إلى أبي علي بن سيجور وانضاف إلى أليشار إلى سبكتكين في تلك الفتنة كلها فلما ملك السلطان محمود خراسان وأذعن له ولاة الأطراف والأعمال بعث إليهم في الخطبة فأجابوه ثم استنفر محمد بن أبي نصر في بعض غزواته فقعد عن النفير فلما رجع السلطان من غزوته بعث حاجبه الكبير أبا سعيد الترنتاش في العساكر وأردفه بأرسلان الحاجب والي طوس لمناهضة أليشار ملك غرشتان واستصحبا معهما أبا الحسن المنيعي الزعيم بمرو والروذ لعلمه بمخادع تلك البلاد فأما أبو نصر فاستأمن إلى الحاجب وجاء به إلى هراة مرفها محتاطا عليه وأما ابنه محمد فتحصن بالقلعة التي بناها أيام ابن سيجور فحاصروها طويلا واقتحموها عنوة وأخذ أسيرا فبعث به إلى غزنة واستصفيت أمواله وصودرت حاشيته واستخلف الحاجب على الحصن ورجع إلى غزنة فامتحن الولد بالسياط واعتقله مرفها واستقدم أباه أبا نصر من هراة فأقام عنده في كرامة إلى أن هلك سنة ست وأربعمائة.

.وفاة ايلك خان وصلح أخيه طغان خان مع السلطان.

كان ايلك خان بعد هزيمته بخراسان يواصل الأسف وكان أخوه طغان يكبر عليه على فعلته وينقضه العهد مع السلطان وبعث إلى السلطان يتبرأ ويعتذر فنافره ايلك خان بسبب ذلك وزحف إليه ثم تصالحها ثم هلك ايلك خان سنة ثلاثة وأربعمائة وولى مكانه أخوه طغان خان فراسل السلطان محمود وصالحه وقال له اشتغل أنت بغزو الهند وأنا بغزو الترك فأجابه إلى ذلك وانقطعت الفتنة بينهما وصلحت الأحوال ثم خرجت طوائف الترك فأجابه إلى ذلك وانقطعت الفتنة بينهما وصلحت الأحوال ثم خرجت طوائف الترك من جانب الصين في مائة ألف خركاة وقصدوا بلاد طغان فهال المسلمين أمرهم فاستنفر طغان من الترك أزيد من مائة ألف واستقبل جموع الكفرة فهزمهم وقتل نحوا من مائة ألف وأسر مثلها ورجع الباقون منهزمين وهلك طغان إثر ذلك وملك بعده أخوه أرسلان خان سنة ثمان وأربعمائة وخلص ما بينه وبين السلطان محمود وخطب بعض كرائمه للسلطان مسعود ولده فأجابه وعقد السلطان لابنه على هراة فسار إليها سنة ثمان وأربعمائة.